السلام عليكن ورحمة الله وبركاته
إلى الأخت الكريمة صاحبة السؤال عن القرآن وهل هو مخلوق أم غير مخلوق
الجواب الحمد لله :
أولا: لابد أن نعلم أن الله تعالي متصف بصفات الكمال والجلال التي وصف بها نفسه في كتابه أو فى سنة نبيه الصحيحة ومن صفات الكمال التي وصف الله بها نفسه صفة الكلام فإن الله تعالي يتكلم بمشيئته وقدرته وقتما يشاء وكلامه حديث وهو احسن الحديث والأدلة علي ذلك متواترة منها قول إنه تعالي في تكليمه موسي عليه السلام (وكلم الله موسي تكليما )
وقال تعالي (ولكن حق القول مني ) وما كان منه فلا يكن مخلوقا
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يطوي الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك فأين ملوك الأرض) أخرجه البخاري ومسلم الي غير ذلك من الأدلة كثيرة تفيد أن الله تعالي يتكلم بقدرته ومشيئته وقتما يريد وأنه سبحانه سيتكلم بكلام لم يتكلم به إلى الآن يتكلم به يوم القيامة فالكلام صفة من صفات كمال الله تعالي وما كان من صفات الله فليس بمخلوق
(والقرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود)
هذه قاعدة شريفة وأصل من أصول الدين أما إنه كلام الله فقد قال تعالي (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله) ومن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر وقد ذمه الله وأوعده بسقر قال تعالي (سأصليه سقر) فلما أوعد الله بسقر من قال (إن هذا إلا قول البشر ) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر غير مخلوق فإن الله تعالي قال (ولكن حق القول مني ) وما كان منه فهو غير مخلوق،
والقول بخلق القرآن من أكبر البدع والفتن التي حدثت في تاريخ الأمة الإسلامية وكان أول من أظهرها الجعد بن درهم وحمل لواء هذه البدعة عنه الجهم بن صفوان، وهذه البدعة تعني تعطيل الله عن صفة الكلام وأنه عز وجل لم يتكلم بالقرآن ولا بغيره ولا شك أن ذلك من أعظم الكفر وأشنعه
وقد سأل رجل أبا الهذيل العلاف المعتزلي عن القرآن فقال مخلوق
فقال له : مخلوق يموت أو يخلد
قال أبو الهذيل : لا بل يموت
قال الرجل: فمتى يموت القرآن
قال أبو الهذيل : إذا مات من يتلوه فهو موته
قال الرجل : فقد مات من يتلوه وقد ذهبت الدنيا وتصرمت (انتهت) وقال الله عز وجل (لمن الملك اليوم ) فهذا القرآن وقد مات الناس
فقال أبو الهذيل : ما أدري وبهت،
(منه بدأ) أي أن الله تعالي هو المتكلم به فمنه بدأ لا من بعض المخلوقات كما تدعيه طوائف من أهل البدع
(وإليه يعود ) يرفع من الصدور والمصاحف فلا يبقي في الصدور منه آية ولا في المصاحف كما جاء ذلك في عدة آثار،
تعقيب على استفسار السائلة:
السلام عليكن ورحمة الله وبركاته
حبيبتي لا بد لكل مسلم من الاعتقاد الجازم بصحة أصول أهل السنة التي منها أن القرآن كلام الله غير مخلوق ولكن الغيب هو الكيفية أي أننا لا نعرف كيف تكلم به وكذا سائر صفاته تعالي كالإستواء والنزول إلى السماء الدنيا نؤمن بكل ذلك ونعرف معناه فالإستواء مثلا هو العلو والإرتفاع كما يقول أئمة السنة ولكن كيف استوى هذا هو الغيب المجهول (كيفية الإستواء ) وكذلك كيفية الكلام بكلمات القرآن ولكن نعلم أنه سبحانه تكلم بكلمات القرآن وكلم كذلك موسي تكليما وكذلك يتكلم يوم القيامة وهكذا يتكلم سبحانه بما شاء ومتي شاء وليس هذا غيبا بل يجب الإيمان بذلك بأدلته أما الكيفية كما أسلفنا فلا يتعرض لها وكما قال السلف فإن نفسك (روحك ) التي بين جنبيك لا تدري كيف هي فكيف تعرف كيفية صفاته سبحانه أو أفعاله